لعلّ الإرهاب هو أخطر التحديات التي تواجهها المجتمعات في عصرنا. وفي ظل تعقيدات الأزمات وتشابك المصالح، لا تبدو دولة أو ساحة بمنأى كامل عن مخاطر الأعمال الإرهابية وتداعياتها، وإن تفاوتت المخاطر بين بلد وآخر ومرحلة وأخرى. في هذا العدد ملف يقارب الإرهاب من عدة زوايا.
إنّ العنف والإرهاب -حتى لو انتهَيَا- يتركان آثارهما على المجتمعات، التي عاشت مآسيهما وويلاتِهما، ومع ظهور مفهوم "عولمة العنف" استمرت آثاره في جميع الوسائل السمعية والبصرية، ومن ثمَّ تركزت في ذاكرة الأجيال.. لذلك لا توجد قدرة سحرية ما ستحمي أي بلد من هذه الآثار، وهنا نتذكر ما كان سيصبح عليه العالم لو سيطر الإرهاب على بلد أو بلدين.
ولعل الخطورة الكبيرة تكمنُ في اعتيادنا مشاهد القتل والتدمير المنقولة على شاشات التلفاز، حتى لو كان غرض المحطات الإعلامية نبيلا وتوعويا، ففي بلدان عديدة حاليا يُقبل الأطفال على اقتناء أسلحة بلاستيكية باعتبارها "ألعابهم المفضّلة"!
لقد أصبحنا نعيش في قرن شرس، فلم يعد أحد يعبأ بالذاكرة وويلات الحروب، وما سبَّبته من دمار في الأرواح والنفوس، ما يذكرني بمقولة المفكر الفرنسي ريمون آرون: "حرب غير محتملة، سلام غير ممكن"!
لا يزال الإنسان بحاجة إلى حوار مع التاريخ، لأن العلاقة بينهما فقدت توازنها منذ أن مزّق الإنسان نسيج هذه العلاقة، وحرّف مجراها الطبيعي، فالإرهاب يسعى إلى القبض على عالمنا وإشاعة ثقافة العنف، وهو ما تصدَّت له مفاهيم الديمقراطية والسلام في العالم أجمع.
0 Comments: